المدافعين عن حقوق الإنسان ليسوا خصوم المجتمع. على السلطات الليبية احترام حقوق الإنسان والإفراج عن النشطاء المحتجزين تعسفيًا

بيان صحفي

22 مارس 2022

 

تُعرب المنظمات الحقوقية الليبية الموقعة على هذا البيان (بالإضافة إلى 15 منظمة حقوقية ليبية تخشى من الكشف عن أسماءها لأسباب أمنية) عن قلقها البالغ إزاء الحملة المنهجية التي تشنها بعض الأجهزة الأمنية في ليبيا ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، والتي شملت خلال الفترة الأخيرة الاحتجاز التعسفي لما لا يقل عن سبعة نشطاء، بالإضافة إلى التحريض ضدهم والتشهير بهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وتدين المنظمات الموقعة ارتكاب الأجهزة الأمنية مخالفات جسيمة للقواعد الإجرائية للقانون الجنائي الليبي ببثها “اعترافات” مصورة لبعض المحتجزين بما يتجاوز الدور المنوط بها. وتعتبر المنظمات الموقعة أن احتجاز النشطاء السبعة يعد احتجازًا تعسفيًا لأنه نجم عن ممارسة المحتجزين لحقوق أساسية ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ وهو ما يندرج ضمن الحالات التي يعتبرها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي حرمانًا تعسفيًا من الحرية. وبناء ليه؛ تطالب المنظمات بإطلاق سراحهم فورًا ووقف حملة التشهير ضدهم.

منذ العام الماضي، تتابع المنظمات الموقعة تحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، ولاسيما النساء. علاوة على تفاقم معاناة المجتمع المدني من العراقيل القانونية التي تكبل حرية التنظيم والعمل الأهلي؛ بسبب عدم توافر الإرادة السياسية لدى أي من الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لإزالة القيود القانونية التعسفية المتعارضة مع المعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات. 

وفي تصعيد مثير للقلق، قامت الأجهزة الأمنية باعتقال ناشط شاب في ديسمبر الماضي، وبثت فيديو “اعترافاته” على فيسبوك. كما وثقت المنظمات الموقعة في منتصف فبراير الماضي، قيام إحدى الأجهزة الأمنية باعتقال ثلاثة نشطاء بعد اشتراكهم في مناقشة إحدى القضايا الحقوقية على تطبيق كلوب هاوس. وبعد نحو أسبوع من اعتقالهم، ظهر أحدهم مدليًا “باعترافاته” في فيديو مصور على صفحة الجهاز الأمني على موقعي فيسبوك وتويتر. وفي 25 فبراير، قام نفس الجهاز الأمني باعتقال ناشط شاب يعمل في منظمة دولية معنية بأوضاع اللاجئين، وذلك خلال تواجده في مطار معيتيقة متوجهًا للمشاركة في تدريب. وفي 8 مارس، عرض الجهاز الأمني على صفحته على موقع فيسبوك مقطع فيديو للناشط المعتقل يدلي فيه “باعترافاته” حول نشاطه في المجتمع المدني وعلاقاته بعدد من النشطاء المنتمين لمنظمات محلية ودولية. وفي 9 مارس، قام الجهاز الأمني باعتقال ناشط سادس. وفي 15 مارس قام الجهاز ببث مقطع فيديو مصور “لاعترافات” المعتقل الأخير بشأن نشاطه وعلاقاته ببعض النشطاء، ومن بينهم أحد المعتقلين المشار إليهم أعلاه.

في أعقاب تلك الحملة المنهجية التي تستهدف ترهيب الأصوات المستقلة في المجتمع المدني الليبي؛ أعلنت حركة تنوير، وهي تجمع مدني ليبي، عن إيقاف نشاطها بشكل نهائي. وفيما أشارت في آخر بياناتها إلى افتقار ليبيا لوجود هامش من الحرية يسمح بنقاش القضايا الثقافية والفكرية؛ طالبت السلطات بالتوقف عن ملاحقة أعضائها وإطلاق سراح المعتقلين منهم. الجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي تضطر فيها منظمة مدنية ليبية إلى إيقاف نشاطها خوفًا على سلامة أعضائها؛ حيث سبق وأعلن تجمع تاناروت للإبداع الليبي في ديسمبر 2020 عن تعليق أنشطته الثقافية حتى إشعار آخر، وذلك بعد تعرضه لحملة تشويه من قِبَل الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية.

وتؤكد المنظمات الموقعة أنه في الوقت الذي تواجه فيه ليبيا خطر تجدد الصراع المسلح، وفي ظل تفاقم المظالم وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب على ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان؛ فإن الحاجة تشتد لدور حيوي وفعّال للمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، من أجل دعم الحوار المجتمعي والسياسي وجهود المصالحة الوطنية، وكذلك تقديم الدعم اللازم لإجراء انتخابات عامة تتمتع بالشفافية والنزاهة. وهو ما لا يمكن تحقيقه في حال استمرت السلطات في التعامل مع المجتمع المدني كخصم ينبغي إخضاعه والقضاء عليه، بدلا من توفير البيئة القانونية الداعمة لازدهار المجتمع المدني بما يؤدي في نهاية المطاف لتحقيق السلام والاستقرار المنشود في ليبيا.

وأخيرًا، إذ تستنكر المنظمات الموقعة عدم استجابة السلطات الليبية المختلفة لمطالبها بإطلاق سراح المعتقلين وتفعيل القانون واحترام المادة 14 من الإعلان الدستوري المؤقت والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها ليبيا؛ فإنها تكرر مطلبها بإطلاق سراح المحتجزين السبعة على الفور، والتوقف عن التشهير بهم وتأليب المجتمع ضدهم وضد المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل عام. 

المنظمات الموقعة:

  1. مركز مدافع لحقوق الإنسان
  2. منبر المرأة الليبية للسلام
  3. المركز الليبي لحرية الصحافة
  4. رصد الجرائم الليبية
  5. منظمة التضامن لحقوق الإنسان 
1 عدد الردود

Trackbacks & Pingbacks

  1. […] والشخصيات الموقعة أن تلك الإجراءات تأتي في سياق حملة واسعة تستهدف ترهيب المجتمع المدني وتكميم أفواه المدافعين عن حقوق الإنسان في […]

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *