ليبيا : حالة حقوق الإنسان من يناير إلى مايو 2020 : أوقفوا العنف والإفلات من العقاب
كوفيد-19 لم يوقف دورة العنف والإفلات من العقاب وضاعف من معاناة المدنيين
الحاجة لآلية تحقيق دولية الآن أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى
باتت السلامة الشخصية للمدنيين في ليبيا أمر صعب المنال بسبب التصعيد الحاد في الهجوم على طرابلس وتفشي انتهاكات حقوق الإنسان وما يرتبط بها من انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. وبغض النظر عن التهديدات اليومية الناجمة عن هجمات الطائرات بدون طيار والغارات الجوية وقصف المدفعية؛ يعيش السكان المحليون في ظل الخوف من الاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القانون. وحتى 8 يونية أبلغت ليبيا عن 266 حالة مؤكدة بالإضافة إلى 5 وفيات جرّاء جائحة كوفيد-19. وما تزال القدرة على إجراء الفحوص محدودة، في ظل نظام صحي يتصف بالعجز، فضلاً عن عرقلة الوصول للمساعدات الإنسانية.
لقد أدى استمرار وتزايد تورط الأطراف الأجنبية في النزاع – بما يُشكّل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن– إلى تعطيل العملية الدبلوماسية الدولية، وزيادة وتيرة النزاع وما يترتب عليه من مزيد من الخسائر بين صفوف المدنيين. ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب؛ فقد ساعد التدخل الأجنبي في ترسيخ وجود الجماعات المسلحة القوية، بما في ذلك الجماعات المتطرفة، التي تواصل الاعتقال التعسفي للمدنيين وتعذيبهم وقتلهم، بالإضافة لأعمال الانتقام والقتل الجماعي. ويثير تزايد حضور الجهات الفاعلة الأجنبية في النزاع المسلح في ليبيا، وآخرها تركيا، المخاوف من أن تصبح ليبيا موقعًا لحروب الوكالة بين القوى الدولية، مع تورط قوى مثل روسيا والإمارات العربية ومصر أيضًا.
وفي ظل حرص الأطراف المتحاربة ومناصريها الأجانب على تصعيد القتال؛ فمن المرجح ألا تنتهي الحرب بإحراز نصر حاسم لأي من الجانبين، وإنما نزاع طاحن طويل الأمد لا نهاية له، لا سيما بالنسبة للمدنيين الليبيين المستمرة معاناتهم منذ زمن طويل. ولوضع حد لهذه الحلقة المفرغة من القتال، وما يضيفه لها كوفيد -19 من مخاطر، ولدفع عملية السلام؛ يجب محاسبة المتحاربين ومناصريهم على جرائمهم.
في هذا الإطار، لدى المجتمع الدولي فرصة لتغيير المسار، واتخاذ خطوات جادة لحماية الاحتمالات المتبقية للسلام في ليبيا، وتخفيف وطأة معاناة المدنيين، وذلك من خلال حث الدول والمؤسسات الدولية على ما يلي:
- إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة حول الأوضاع في ليبيا بمجرد استئناف مجلس حقوق الإنسان جلسته الـ 43 يونية 2020.
- استخدام كل الوسائل الدبلوماسية لتشكيل ضغط ملموس على الأطراف المتحاربة في ليبيا ومناصريها الأجانب من أجل إنهاء حقيقي ودائم للأعمال العدائية.
- محاسبة المسئولين عن الهجمات على البنية التحتية الطبية، والتي تشكّل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.
- الإدانة العلنية والواضحة لأي محاولة للسيطرة من جانب واحد على البلاد ولتخريب المؤسسات المدنية الليبية.
- مراقبة ونشر الأدلة حول انتهاكات حظر السلاح، والتي ترتكبها جميع أطراف النزاع، ومشاركة النتائج مع لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.
- تطبيق العقوبات ضد الأفراد المسئولين عن الانتهاكات، سواء من خلال الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو على المستويات الوطنية، بالإضافة لدعم الإجراءات القانونية لتعزيز المحاسبة من خلال الولاية القضائية العالمية.
كيف يمكن أن تؤدي المحاسبة إلى تحسين فرص تحقيق السلام؟
في مارس 2015، أعاد مجلس الأمن الدولي تأكيد نطاق العقوبات التي سيتم تطبيقها في ليبيا. وفي العام التالي، طبق الاتحاد الأوروبي عقوبات على 3 مسئولين من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام بسبب عرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي. هذه التدابير سمحت للمجالس البلدية والجهات الفاعلة المحلية في الغرب بالعمل سويًا لإبرام اتفاقيات وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين. و بعد وقت قصير من فرض عقوبات الاتحاد الأوروبي، واحدة من أكثر الفصائل المسلحة تأثيرًا في عملية فجر ليبيا المدعومة من المؤتمر الوطني العام انشقت عن العملية معلنة دعمها لوقف إطلاق النار ومباحثات السلام بوساطة الأمم المتحدة.
في 2016، صدر تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، التي باشرت التحقيق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة في ليبيا منذ عام 2014. وأبرز التقرير مسئولية جماعة أولياء الدم المقاتلة إلى جانب الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر في النزوح القسري في بنغازي، وأعمال الانتقام بحق المدنيين، والقتل خارج نطاق القانون. وفور إصدار التقرير؛ أمر الجنرال خليفة حفتر بحل هذه المجموعة.
تعكس مثل هذه الأمثلة قدرة العقوبات الدولية وتدابير المحاسبة على الردع؛ ومع ذلك لم يتم تطبيق العقوبات. فمنذ ذلك الحين أخفق مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في إعادة تشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة. ولم يفشل هذا النهج فقط في ردع العنف المتواصل بلا هوادة في ليبيا، بل أيضًا ترك المواطنين الليبيين (الذين ناضلوا من أجل المحاسبة على المستوى الوطني) بدون حماية أو دعم دولي.
إن الواقع على الأرض في السنوات الخمس الأخيرة يُؤكد أن دائرة العنف في ليبيا تتغذى على استمرار الإفلات من العقاب والافتقار إلى رؤية فعّالة لإعادة بناء المؤسسات الأمنية في البلاد. وإذا لم يتم معالجة كل ذلك على نحو ملائم؛ ستظل محادثات عملية السلام ومكافحة التطرف العنيف – في بلد يخلو من حكم القانون – خاوية من أي معنى.
وفيما يلي تقرير يعرض بعض انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حتى مايو 2020.
عرض عام
في عام 2020 تعمدت الأطراف المتحاربة في ليبيا تصعيد القتال بشكل هائل؛ مما أدى إلى زيادة بنسبة 45% في الخسائر بين صفوف المدنيين وزيادة 113% في نسبة الوفيات بينهم. وفي الفترة من 1 إلى 28 مايو، تم الإبلاغ عن مقتل ما لا يقل عن 50 مدنيًا بالإضافة إلى إصابة 70 آخرين. وأضحت الهجمات العشوائية المتكررة واستهداف المدنيين في المناطق المأهولة بالسكان تتم بشكل اعتيادي، وقد نفّذ الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر والقوات الموالية له الجزء الأكبر من تلك الهجمات. وفي هذا السياق، أصبحت المجموعات المستضعفة من المهاجرين واللاجئين، وأكثر من 200 ألف نازحًا داخليًا حول طرابلس وحدها، بالإضافة إلى النساء الليبيات، عرضة للخطر بشكل خاص.
شهدت ليبيا أيضًا هجمات منهجية على العاملين في مجال الرعاية الصحية وعلى المرافق الطبية المتدهورة بالفعل. ومن يناير وحتى أبريل 2020، رصدت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 15 هجومًا على المرافق الصحية. وتعرض مستشفى الخضراء، الذي يقدم الرعاية الصحية لمرضى كوفيد-19 للهجوم 3 مرات متتالية خلال الأسبوع الأول من أبريل، أثناء محاولة الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر فرض السيطرة على طرابلس. كما ازداد استخدام خطاب الكراهية واللغة التي تجرد الخصوم من إنسانيتهم، بالإضافة إلى الإبلاغ في “ترهونة” عن حوادث العنف الانتقامي من قبل القوات الحكومية؛ وهو ما يمثّل تهديدًا للنسيج الاجتماعي الليبي.
لم تخمد التدخلات الأجنبية واستمرت انتهاكات حظر الأسلحة، بل ازدادت وتيرتها في 2020. إذ نشرت مجموعة “فاغنر” الروسية أكثر من 1200 عميلاً روسيًا ونحو 2000 مرتزقًا سوريًا وذلك لدعم الجيش الوطني الليبيا التابع لحفتر، بينما جندت تركيا ما يربو إلى 2000 مرتزقًا سوريًا بينهم أطفال. بالإضافة إلى قطع إمدادات الكهرباء والماء، والحصار المفروض على موانيء النفط، والذي أدى في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، إلى تفاقم الظروف المعيشية السيئة؛ على نحو يصل حد العقاب الجماعي ضد المدنيين في تلك المناطق.
أولاً: الاستهداف المتعمد والمنهجي للمدنيين والبنية التحتية المدنية
لا يزال المدنيين الضحية الأساسية للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، لا سيما نتيجة القصف العشوائي للمناطق المكتظة بالسكان، خلال الهجمات المنسوبة للجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر. وقد قُتل وأصيب عدد كبير من الطلاب وأطفال المدارس، كما تعرضت البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمطارات لضربات متكررة. وفيا يلي قائمة ببعض تلك الانتهاكات:
- في 4 يناير 2020، قُتل 30 طالبًا في قصف الكلية العسكرية بطرابلس.
- في 9 يناير، قُتل طفل جرّاء العمليات العسكرية في منطقة صلاح الدين.
- في 24 يناير، قُتل مواطن نتيجة قصف مقر عمله في حي أبو سليم. وفي 28 يناير 2020 قُتل أربعة أطفال في مدرسة خلال قصف منطقة الهضبة البدري في طرابلس.
- في الفترة من 23 إلى 26 يناير، تعرض مطار معيتيقة الدولي لقصف متكرر؛ مما أدى إلى تعليق مؤقت للحركة الجوية، وأصيب العديد من الموظفين والأفراد في المنطقة المجاورة للمطار، وسقط مواطن مغربي قتيلا جرّاء القصف.
- في 25 يناير، انهالت القذائف على مستشفى الصفوة؛ مما أدى إلى إصابة اثنين من موظفيها.
- في 5 فبراير تعرضت كلية الصيدلة بجامعة طرابلس للقصف.
- في 12 فبراير، قُتلت امرأة في حي أبو سليم نتيجة سقوط قذيفة على منزلها.
- في 18 مارس، لقيت أربع فتيات مصرعهن، وأصيبت خمس أخريات من العائلة نفسها؛ نتيجة قصف منزلهن في عين زارة. وفي اليوم نفسه، قُتلت امرأة في حي أبو سليم نتيجة سقوط قذيفة على سيارتها.
- أدى القصف على عين زارة في 24 مارس إلى ضرب سجن الرويمي، وأصيب في الهجوم نزلاء وموظفين.
- في الفترة من 6 إلى 10 أبريل 2020 تعرّض مستشفى الخضراء في حي أبو سليم إلى قصف عنيف؛ مما أدى إلى إصابة عامل في مجال الرعاية الصحية على الأقل، فضلاً عن إلحاق الضرر بالمنشأة.
- في 12 أبريل، قُتل طفل في منطقة عين زارة وأصيب والديه نتيجة قصف منزلهم. وفي اليوم نفسه نتيجة القصف على حي أبو سليم، قٌتل أحد أفراد الأسرة وأصيب اثنان.
- في 17 أبريل، تعرضت عيادة الصحة الملكية بطرابلس للقصف. وفي 20 أبريل، أدى قصف مستشفى ميداني في وادي الربيع (جنوب طرابلس) إلى إصابة خمسة أفراد من الطاقم الطبي.
- في 28 أبريل، تعرض مستشفى جنوب طرابلس (طريق المطار) للهجوم؛ مما أسفر عن تدمير عربة إسعاف وإلحاق أضرار بمبنى المستشفى.
- في 1 مايو، قُتل شخصان جرّاء القصف العشوائي في منطقة زناتة.
- في 6 مايو، قُتل ثلاثة أشخاص في حي أبو سليم بسبب القصف العشوائي.
- في 8 مايو، قُتل ثلاث مدنيين نتيجة القصف العشوائي على زاوية الدهماني.
- في 9 مايو، تعرّض مطار معيتيقة في طرابلس للقصف؛ مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمباني وطائرتين تابعتين للخطوط الجوية الليبية. وفي 14 مايو، تعرّض مستشفى طرابلس المركزي في شارع الزاوية لهجمات ثأرية استهدفت المدنيين.
- في 25 مايو، تعرّض بعض سكان منطقتي عين زارة وصلاح الدين بطرابلس للقتل والإصابة بسبب انفجار بـ عبوات ناسفة يدوية الصُنع بالقرب من منازلهم أو داخلها، على الأغلب نشرتها القوات التابعة للجيش الوطني الليبي التابع لحفتر في المنطقة، بعد إخلائها. وتُظهر الصور التي نشرتها القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني الألغام الأرضية المضادة للأفراد، سوفييتية وروسية الصُنع.
- في 28 أبريل 2020، استهدفت حكومة الوفاق الوطني شحنة تحمل مواد خاصة بتربية النحل، ووقع الهجوم على الطريق الذي يربط مدينة نسمة ببلدية الشويرف؛ مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة اثنين آخرين. بالإضافة إلى الإبلاغ عن حوادث عنف انتقامية من القوات الحكومية في ترهونة وصبراتة وسورمان.
ثانيًا: استخدام العنف والترهيب بشكل روتيني ضد أي صوت مستقل
إن المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل الصحفيين وأعضاء منظمات المجتمع المدني والمدونين والنشطاء وأعضاء السلطة القضائية، يواجهون بانتظام حملات التشهير، وتتعرض منازلهم وأماكن عملهم للمداهمات. كما يتعرضوا للاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، ويخضعوا للاستجواب والمضايقات عند نقاط التفتيش الأمنية، فضلاً عن التهديدات بالملاحقة العسكرية بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2014. وقد أدى تصاعد حدة النزاع منذ أبريل 2019 إلى زيادة التهديدات لحرياتهم الأساسية وسلامتهم الجسدية.
- في يناير، هجمت جماعة سلفية مسلحة تابعة للجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر على محطتين إذاعيتين في سرت وأضرمت فيهما النيران. وفي الشهر نفسه في بنغازي، قادت مجموعة من 8 شباب ونشطاء سياسيين مؤثرين حملة للمطالبة بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا. فتعرضوا لحملة تشويه إعلامي، واعتقلت الاستخبارات ثلاثة منهم، ومنعتهم من السفر.
- في 15 يناير، تعرّض صحفي من القناة الليبية الوطنية للاختطاف والتعذيب على يد أربعة رجال مسلحين لديهم صلات بقوات الردع الخاصة.
- في أبريل، تعرضت مكاتب المركز الليبي لحرية الصحافة ومحطة راديو ناس (إذاعة ليبية لنشطاء شباب) لمداهمة جماعات مسلحة، بزعم التحقيق في أسباب تردد رجال ونساء على تلك المكاتب. وقد تعدى المسلحون بالضرب على أحد الأفراد، وتعمدوا إتلاف معدات مملوكة للمحطة الإذاعية، بالإضافة على الاستيلاء على سجلات المراقبة بالفيديو.
- في 3 أبريل، اختفى مدير إذاعة “جرابولي” قسريًا في شرق طرابلس. ووفقًا للتقارير قد تم إطلاق سراحه في الأسبوع الأخير من مايو.
- في فبراير، اختفى القاضي محمد بن عمر قسريًا من منزله في كاستلفيردي، ضمن حملة أكبر تستهدف السلطة القضائية والمعارضين السياسيين، ويفلت الجناة فيها من العقاب بشكل كامل.
ثالثًا: القتل خارج نطاق القضاء والمعاملة اللاإنسانية
- في 18 ماس، توفي أحد نزلاء سجن الكويفية في بنغازي (46 عامًا)، بعد إصابته بحمى. وفي 28 مارس، توفى نزيل آخر في سجن الكويفية بسبب مشكلة صحية في الصدر.
- في اليوم نفسه، تم الإبلاغ عن وفاة نزيل ( 21 عامًا) في سجن قرنادة بدرنة، بعد تدهور حالته الصحية. وثمة مزاعم حول استخدام سجن قرنادة للتعذيب المنهجي في مرات عديدة.
- نقل معتقلون سابقون في سجني معيتيقة وأبو سالم، شكاوى سجناء محتجزين من حاجتهم الباغة للرعاية الطبية. والسجنان يتم تحت إدارة قوات الردع الخاصة وكتيبة أبو سالم للأمن المركزي المعروفة باسم “غنيوة” – وكلاهما ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق الوطني.
- في 27 مايو، تعرّض 26 مهاجرًا من بنجلاديش وأربعة دول أفريقية أخرى للقتل، وأصيب 11 آخرين في مستودع للتهريب في “المزدة”. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة فإن “بعض المهاجرين يحملون آثار قديمة تدل على تعرضهم للضرب والإيذاء البدني”. وتُظهر لقطات فيديو للقتل الجماعي أفراد في زي عسكري تابعين للواء الصاعقة، وهي وحدة شبه عسكرية تابعة للجيش الوطني الليبي. وتوضح تلك المأساة الأخيرة الروابط بين شبكات مهربي البشر والقوات شبه العسكرية المندمجة في المؤسسات الأمنية الرسمية.
- في 30 مايو، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني عن اكتشاف قبر عائلة مكونة من أربعة أشخاص في جنوب طرابلس، وكان تم اختطافهم في ديسمبر 2019.
رابعًا: الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي: ممارسة السلطة بالإرهاب
- ظهرت عدة تقارير عن حالات اختفاء قسري ومداهمات واعتقالات تعسفية في سرت، وذلك منذ استيلاء الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر على المدينة. في 6 يناير. إذ تم إضرام النيران في منزل ناشط سياسي. وفي 5 فبراير، تم الإبلاغ عن تدمير ضريح صوفي والقبض على عدد من الصوفيين، من قبل جماعة مدخلية محلية متحالفة مع الجيش الوطني الليبي.
- في 29 فبراير، اعتقلت الاستخبارات العسكرية في بنغازي، محامي من منطقة بوزديرة في بنغازي، لساعات قليلة؛ وقيل إن سبب الاعتقال هو نشر المحامي لمقطع فيديو ينتقد فيه الفساد بين مسئولي الأمن.
- في 1 مارس، خطفت قوات الردع الخاصة في طرابلس المدير العام للخطوط الجوية الأفريقية، وأطلقت سراحه في 5 مارس، ثم اختطفته مجددًا بعد يومين.
- في 2 مارس، ألقى مسلحون تابعون للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في درنة القبض على المدير العام لمستشفى الهريش من منزله، وفي نهاية المطاف أطلقوا سراحه. وفي 7 مارس، تم اعتقال مستشار قانوني في إدارة الشرطة العسكرية في أعقاب انتقاده لاختطاف أعضاء في السلطة القضائية، وتم إطلاق سراحه في 1 يونية.
- في 7 مارس، تم احتجاز محام في بنغازي لبضع ساعات ومنعه من دخول قاعة المحكمة العسكرية بعد إطلاق سراحه.
- في 11 مارس، اختطفت جماعة مسلحة، يُعتقد أنها وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للجيش الوطني الليبي، مهندس من مقر عمله في براك الشاطئ، وتم نقله لوحدة الأمن الداخلي في بنغازي، وثمة مزاعم حول تعرضه للتعذيب، موقعه الحالي مجهول.
- في 19 مارس تم الإفراج عن المحامي عدنان العرفي بعد حوالي 20 يومًا من اختطافه في بنغازي.
- ثمة مزاعم حول مسئولية اللواء التاسع – وهو مجموعة شبه عسكرية تعرف أيضًا باسم الكانيات ومندمجة في الجيش الوطني الليبي التابع لخليفة حفتر – عن العديد من حالات الاختفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون في ترهونة. وفي 5 أبريل، هاجموا واختطفوا وعذبوا ثلاث نساء من العائلة نفسها. وفي 15 فبراير، تم العثور على ثلاث جثث لمدنيين من مصراتة وسوري الجنسية في جرابولي. وتشير الشهادات إلى اختطافهم وقتلهم على يد الكانيات.
- في 28 أبريل، داهمت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية مكتب الهلال الأحمر في طرابلس، حيث تم اختطاف متطوع وتم الاعتداء على آخر.
خامسًا: معاناة المحتجزين والمهاجرين واللاجئين تفاقمت بسبب النزاع والجائحة
يهدد فيروس كوفيد- 19 المهاجرين واللاجئين والنازحين داخليًا والمحتجزين (بما في ذلك الأطفال غير المصحوبين) بخطر بالغ إضافة لخطر لنزاع. أما الظروف المعيشية في السجون الليبية فهي بالفعل أقل من الحد الأدنى للمعايير المطلوبة، وذلك مع وجود أكثر من 8000 ليبيًا وآخرين من جنسيات مختلفة محتجزين لأسباب قانونية واهية. يواجهوا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ويعانوا التكدس وفقر النظام الصحي وصعوبة الوصول للرعاية الطبية، بالإضافة إلى التعذيب والرق والعنف الجنسي. هذه الظروف المروعة التي يحتجز فيها أكثر من 3000 لاجئًا ومهاجرًا، في أماكن مكتظة مع إمكانية ضئيلة للحصول على الماء والوصول للمرافق الصحية، تبعث على القلق العميق. لا سيما في ظل مشاركة العشرات الزنزانة نفسها؛ بما يجعل هذه المراكز أرضًا خصبة لانتشار المرض في الأوقات العادية. ناهيك عن أوضاع المخيمات غير الرسمية للنازحين داخليًا التي تثير الفزع.
لقد أدى هذا الوضع إلى زيادة أعداد المغادرين للبلاد، رغم إيقاف عمليات البحث والإنقاذ. ففي مايو حاول نحو 1000 شخص العبور، وتم اعتراض أكثر من 400 شخصًا وإعادتهم لمراكز الاحتجاز بالقرب من الخطوط الأمامية. كما أشارت تقارير إلى احتجاز مهاجرين على قوارب في ظروف لا تُحتمل، واستخدام مراكب خاصة لإجبار المهاجرين على العودة، بالإضافة إلى ترك آخرين عمدًا يموتوا جوعًا أو غرقًا.
في الإقليم الغربي ثمة أكثر من 3000 مهاجرًا وطالب لجوء على الخطوط الأمامية للنزاع، داخل وخارج مراكز الاحتجاز. وفي أثناء الجائحة، انخفض عدد المحتجزين بسبب الإجلاء القسري نتيجة القتال ونقص الغذاء والحاجات الحيوية. إذ تم إرغام النساء والأطفال على مغادرة مراكز الاحتجاز بعدما تُركوا وحدهم، وهم في أمس الحاجة للإمدادات الأساسية معرضين لمخاطر انتشار الجائحة والقصف العشوائي. وجدير بالذكر هنا أن فيروس كوفيد-19 يغذي الكراهية تجاه المهاجرين بين السكان المحليين.
الأوضاع في مراكز الاحتجاز في الشرق حول طبرق والحدود المصرية الليبية مقلقة بشكل خاص. إذ تم الإبلاغ عن العديد من مخازن التهريب، واستغلال المهاجرين أو بيعهم أو إجبارهم على دفع أموال مقابل إطلاق سراحهم، دون أي مساءلة. وحول الحدود المصرية الليبية، شاركت قبيلة “أولاد علي” في عمليات كبيرة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين من مصر إلى أجدابيا وبني وليد. هذه الأنشطة تتم بعلم مديرية أمن طبرق. كما يتم استغلال مجموعة من المهاجرين اليمنيين من قبل مسئولي مركز احتجاز تابع لوزارة الداخلية الشرقية في الشحات.
في الجنوب، أصبحت معظم مراكز الاحتجاز خارج الخدمة، سواء التي تديرها بشكل مباشر الجماعات شبه العسكرية التابعة للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر ومهربي البشر، أو تلك التي تديرها وزارة الداخلية التابعة للحكومة المؤقتة في الشرق. ومنذ بداية الجائحة، تم طرد 135 مهاجرًا إلى النيجر. بالإضافة إلى طرد نحو 1000إلى تشاد أو السودان بسبب خطر انتشار عدوى كوفيد-19 ونقص الغذاء في المراكز. وكان بعض الذين تم ترحيلهم مواطنين صوماليين. لا توجد معلومات عن الدولة التي تم ترحيل هؤلاء الأفراد ، من المحتمل أن يكونوا طالبي لجوء خصوصاً أن طالبي اللجوء من الصومال لا يوجد تواصل بينهم وبين المنظمة الدولية للهجرة بعد توقيفها بشكل مؤقت عمليات العودة الطوعية والتي كانت تحدث في وقت سابق قبل جائحة كورونا.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!