مركز مدافع يصدر دليلا للأخصائيين النفسيين والعاملين على الناجين من التعذيب في ليبيا

29 مايو 2023 

على الرغم من انضمام ليبيا لاتفاقية مناهضة التعذيب في 16 مايو 1989؛ فإن البيئة التشريعية الوطنية خلت من أي نص عقابي بخلاف نص وحيد، ورد في المادة 435 في قانون العقوبات، وهو لا يكفي لمكافحة انتشار ظاهرة التعذيب في البلاد في ظل سيادة الإفلات من العقاب. وحتى بعد صدور القانون رقم 10 لسنة 2013، بشأن تجريم التعذيب، والذي حاول معالجة الخلل في التشريع الوطني؛ فإنه قد خلا من تعريف منضبط للتعذيب كما هو وارد في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ظروف سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو المُهينة أو اللاإنسانية. كذلك أغفل القانونُ النصَّ على عدم جواز سقوط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عن التعذيب بالتقادم، الأمر الذي يسمح بإفلات الجناة من العقاب، كما لم ينص القانون على إبطال أي أقوال أو اعترافات يثبت الحصول عليها تحت وطأة التعذيب. بالإضافة إلى أن القانون لم ينص على إلزامية حضور المحامي في تحقيقات قضايا التعذيب في كل المراحل. علاوة على ذلك، لم يحظر القانون استيراد أجهزة التعذيب ولم يُجرِّم صناعتها. 

 لتحميل الدليل أنقر على الرابط 

https://defendercenter.org/wp-content/uploads/2023/05/Guide-Web.pdf

وفي ظل ضعف البيئة التشريعية وعدم توافر آليات الحماية للضحايا أصبح التعذيب سلوكًا منهجيًّا تنتهجه أغلب الجهات المشرفة على مراكز الاحتجاز في مختلف أنحاء البلاد؛ وهو الأمر الذي خلّف عددًا لا يمكن حصره من ضحايا التعذيب في ليبيا. وبينما يفتقر أولئك الضحايا إلى سبل الانتصاف القانوني، فإنهم في الوقت نفسه بحاجة ماسة للحصول على المساعدة النفسية ليتمكنوا من تجاوز هول الصدمة التي نتجت عن التعذيب. وفي هذا السياق، قام مركز مدافع لحقوق الإنسان في عام 2020 بإطلاق برنامج إعادة تأهيل ضحايا التعذيب خلال النزاع في ليبيا.

وفي إطار نشاط البرنامج، تمكن مركز مدافع، حتى لحظة كتابة هذه السطور، من الوصول لعدد 170 ضحية وقد جرت إعادة التأهيل النفسي لـ 55 ضحية تعذيب منهم، من بينهم 15 امرأة. وقد تعرض أولئك الضحايا للتعذيب خلال النزاعات التي نشبت في أعقاب اندلاع ثورة فبراير 2011. ولا يكتفي مركز مدافع بتوثيق حالات ضحايا التعذيب، بل يسعى لتقديم المساعدة النفسية المتخصصة لهم؛ ليتمكنوا بعد تلقي العلاج من المضي قدمًا والعودة إلى ممارسة الأنشطة الحياتية والاندماج مجددًا في المجتمع، وهو الأمر الذي من شأنه في نهاية المطاف المساعدة في الوصول إلى السلام المجتمعي والاستقرار في ليبيا.

 ويوفر مركز مدافع المساعدة النفسية من خلال شبكة من الاختصاصيين النفسيين في داخل وخارج ليبيا. كما شرع المركز في إعداد شبكة من المختصين القانونيين للمساعدة في عملية التوثيق لحالات التعذيب، والمساهمة في تقديم الدعم القانوني للضحايا الراغبين في الوصول إلى سبل الانتصاف عبر طرق أبواب الآليات الوطنية القضائية وغيرها من أجل محاسبة الجناة. 

وفي إطار العمل عن قرب من الاختصاصيين النفسيين الليبيين، في الشرق والغرب والجنوب، لاحظ المركز وجود حاجة ماسة لوضع دليل إرشادي للاختصاصيين النفسيين المنخرطين في تقديم المساعدة النفسية لضحايا النزاع. وذلك بهدف توفير القواعد الإرشادية المهنية اللازمة لكافة العاملين في هذا المجال، سواء من شبكة مركز مدافع، أو غيرهم في كافة أنحاء ليبيا، ممن يحتاجون إلى بناء قدراتهم والتعرف على الأساليب والبروتوكولات العلاجية المهنية في التعامل مع ضحايا التعذيب. 

وقد قام بوضع الدليل الدكتور شعبان امحمد فضل بشر، وهو طبيب نفسي متمرس في هذا المجال، فضلا عن كونه أستاذًا جامعيًّا ومعالجًا معرفيًّا سلوكيًّا. والدليل الإرشادي الذي بين أيديكم الآن هو نتيجة عمل دؤوب وحوارات مكثفة وورش عمل شارك فيها الاختصاصيون النفسيون المنتمون إلى شبكة مركز مدافع. وذلك بهدف التعرف بشكل ملموس على التحديات اليومية التي يواجهونها خلال تقديم المساعدة النفسية لضحايا التعذيب في ليبيا؛ ليغدو الدليل مرجعًا حقيقيًّا يساعد الاختصاصيين النفسيين على التعامل بطريقة مهنية واحترافية مع الضحايا. ويتطلع مركز مدافع إلى أن يتمكن كافة الاختصاصيين النفسيين في ليبيا من الإفادة من الدليل الإرشادي الذي يوفر نسخة إلكترونية كاملة منه على موقعه.

مركز مدافع لحقوق الإنسان

 لتحميل الدليل أنقر على الرابط 

 

0 ردود

اترك رداً

تريد المشاركة في هذا النقاش
شارك إن أردت
Feel free to contribute!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *