الحكم بالسجن 15 عامًا على الصحفي الليبي ” إسماعيل الزوي” في محاكمة جائرة، تكميم الأفواه تحت مزاعم مكافحة الإرهاب
الحكم بالسجن 15 عامًا على الصحفي الليبي ” إسماعيل الزوي” في محاكمة جائرة
تكميم الأفواه تحت مزاعم مكافحة الإرهاب
بيان مشترك
3 أغسطس 2020
تدين وتستنكر المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه الحكم الصادر مؤخرًا من محكمة بنغازي العسكرية بحبس المصور الصحفي والناشط الليبي”إسماعيل بوزريبة الزوي” 15 عامًا، والذي رغم صدوره في مايو الماضي لم يعلم به أهل “الزوي” ومحاميه إلا منذ أيام. كما تدين المنظمات اتهام “الزوي” بدعم الإرهاب والمجموعات الإرهابية والتواصل مع قنوات فضائية تتهمها سلطات القيادة العامة في شرق ليبيا بدعم الإرهاب، وذلك بعدما عثر على هاتفه على رسائل نصية وتدوينات رأي تنتقد القيادة العامة للجيش الليبي في الشرق وعملية الكرامة العسكرية. وكانت قوات من جهاز الأمن الداخلي في مدينة “أجدابيا” الليبية، قد ألقت القبض عليه منذ 20 شهرًا، واحتجزته تعسفيًا في سجن عسكري في مدينة بنغازي منذ ديسمبر 2018، حيث لم يسمح له بالاتصال بذويه أو مقابلةمحاميه، كما لم يخطر محاميه بعرضه على النيابة من عدمه طيلة فترة اعتقاله، وكذلك لم يتم اخطاره بموعد جلسة الحكم، على نحو يشكك في سلامة الاجراءات وجدية وعدالة المحاكمة.
بدأ “الزوي” عمله الصحفي ونشاطه في المجال العام أعقاب ثورة 17 فبراير 2011، حتى شغل منصب رئيس مجلس إدارة النادي الليبي للثقافة والحوار، وقد نُشرت له العديد من التقارير الصحفية المصورة والآراء على قناة “أجدابيا” وعلى قناته الخاصة على موقع يوتيوب.
تعكس وقائع القبض على “الزوي” واعتقاله التعسفي، دون تواصل مع ذويه ومحاميه، وصولاً إلى الحكم الجائر الصادر مؤخرًا بحبسه، عدة انتهاكات جسيمة للحق في المحاكمة العادلة المصونة بموجب المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتعليق العام رقم 13 للجنة المعنية بحقوق الإنسان، فيما يخص إنشـاء محكمـة عسكرية أو غيرها من الهيئات القضائية الخاصة. بالإضافة لمخالفة نص المادتين 7 و26 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
وبناء عليه، تجدد المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه رفضها واستنكارها لاستغلال مكافحة الإرهاب في تكميم الأفواه ومصادرة الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور الليبي والاتفاقات الدولية الملزمة للدولة الليبية، وتطالب السلطات التنفيذية في الشرق الإفراج فورًا عن المصور الصحفي “إسماعيل الزوي” طالما لم يثبت عدم تورطه في أي أعمال عنف أو تحريض على حمل السلاح. كما تطالب المنظمات السلطات الليبية ومؤسساتها بتطبيق المعايير الواردة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الملزمين للدولة الليبية. ووفقاً لذلك تدعو المنظمات السلطات التشريعية في ليبيا إلى إلغاء عقوبة الحبس في جرائم النشر، والتي تستخدم لإسكات المعارضين، ومراجعة وتنقيح قانون العقوبات وفقًا لهذه النصوص والجمعايير الدولية، فضلاً عن ضرورة تعديل اختصاص المحاكم العسكرية وإلغاء ولايتها على المدنيين.
المنظمات الموقعة
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- ائتلاف المنصة
- شبكة أصوات للإعلام
- المنظمة الليبية للإعلام المستقل
- المؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية
- المركز الليبي لحرية الصحافة
خلفية قانونية:
تعتمد ليبيا حاليًا على قانون مكافحة الإرهاب [3/2014] والذي يتضمن نصوص وأحكام قانونية غامضة تُستخدم لتقييد حرية التعبير والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. إذ يضع هذا القانون قيودًا عديدة على حرية التعبير ويفرض الرقابة على المواقع الإلكترونية بصورة تجعل ممارسة التدوين أو التعبير الحر محفوفة دائمًا بمخاطر السجن لفترات طويلة.
يستخدم قانون مكافحة الإرهاب تعريفًا واسعًا لغاية العمل الإرهابي، يتسع ليشمل حتى الإضرار بالبيئة وحظر أو عرقلة عمل السلطات العامة أو الإدارات الحكومية أو الوحدات البلدية. كما يتوسع القانون في مفهوم الجريمة الإرهابية على نحو يكشف غايته الحقيقية في خنق ومصادرة كل أشكال المعارضة السياسية السلمية، وكل الأصوات المستقلة، وخاصة أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان.
تنص المادة 15 من هذا القانون على عقوبة السجن من 5 لـ 10 سنوات “كل من يقوم بالدعوة أو الدعاية أو الخداع لارتكاب عمل إرهابي، سواء بالقول أو الكتابة أو أي وسيلة أخرى للبث أو النشر أو الرسائل أو التفاعل عبر الإنترنت.” كما يؤسس القانون لإمكانية القبض على المتظاهرين أمام المرافق الحكومية أو المنضمين لأي إضراب بتهمة ارتكاب جريمة إرهابية، على نحو يشكل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والتجمع السلمي.
أما تعديلات قانون العقوبات العسكرية والقانون العسكري للإجراءات الجنائية في عام 2017، فكانت سندًا لمحاكمة المدنيين أمام قضاء عسكري فيما يخص “جرائم الإرهاب” رغم افتقار المحاكمات العسكرية لحقوق الدفاع والإجراءات الكافية للمحاكمات العادلة، ناهيك على عدم علانية جلساتها، لا سيما في حالة الحرب وحالة الطوارئ.
وبشكل عام، يسمح الإطار التشريعي في ليبيا بعقوبات سالبة للحرية في قضايا حرية التعبير، ويتضمن عقوبات قاسية تصل حد الإعدام. كما تمنح القوانين للسلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية سلطة واسعة للتنكيل بالأشخاص وإقصاءهم طالما تبنوا أفكار تخالف السائد، أو تتعارض مع مرجعية دينية معينة، أو لا تحظى بتوافق أطراف القوة في النزاع، سواء السلطة الحاكمة أو المجموعات المسلحة. كما تابعت السلطات الليبية تطبيق القوانين الصادرة قبل 2015 والتي تتصف معظمها بالتضييق على حرية التعبير، مثل قانون المطبوعات رقم 76 لسنة 1972، الذي وضع العديد من العراقيل أمام ممارسة حرية الصحافة والنشر. هذا بالإضافة إلى استمرار تطبيق المواد 178 و195 و205 و208 و245و 438 و439 من القانون الجنائي، بما تشكله من تقييد لحرية التعبير، مستخدمة عبارات مطاطة ومصطلحات فضفاضة غير منضبطة (مثل: الإهانة، وخدش الاعتبار) على نحو يسّهل التوسع في تفسيرها فيقضي تمامًا على حرية التعبير.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!