مركز مدافع و27 منظمة حقوقية يدينون قيام الأمن بتفتيش الأجهزة الشخصية للمواطنين بدون إذن
تفتيش الأجهزة الشخصية في لجان الاستيقاف الأمنية في ليبيا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان
انتشرت في ليبيا خلال السنوات الثمانية الماضية، ظاهرة جديدة تتمثل في قيام لجان الاستيقاف الأمنية المنتشرة في الشوارع والطرق العامة، بتفتيش الهواتف النقالة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والأجهزة اللوحية الموجودة بحوزة المواطنين الذين يتم استيقافهم للتدقيق في هوياتهم، أو فحص إجراءات السيارة، ورخصة القيادة، بل يتجاوز الأمر ذلك الى فحص بعض الأجهزة الشخصية التي بحوزته دون وجه حق.
وإذ تؤكد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان، على إدانتها ورفضها لمثل هذه الممارسات المخالفة للقانون، والمتعدية على الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون بالحماية، ووفرت لها ضمانات كافية في الاتفاقيات والمعايير الدولية.
فإن المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان تشير أنها رصدت وتابعت انتشار هذه الظاهرة وتكرارها، حتى تكاد تكون سلوكا ممنهجًا ومنظمًا من الجهات الأمنية، خاصة عند شكها في الشخص المفتش عليه، ويتعرض لهذه الممارسة بشكل خاص المتفاعلين مع الشأن العام من النشطاء، والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والإعلاميين والمدونين وحتى المهاجرين وطالبي اللجوء،
وقد رصدت بعض المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان 21 حالة تعرضت لمثل هذا الانتهاك ما بين عامي 2019 و2020 خاصة المدافعين والإعلاميين والمدونين والمهاجرين ومواطنين في مدن مختلفة (طرابلس – بنغازي – المرج – مصراتة – هون – سرت) وغيرها من المدن.
والأمر اللافت للانتباه، أنه مهما اختلفت الجهة الأمنية من حيث شرعيتها، أو السلطة التابعة لها، أو مكانها الجغرافي فإنها تنتج ذات السلوك مما يعني أنه سلوك ممنهج للسلطات الأمنية والمسؤولين عن لجان الاستيقاف الأمنية، الأمر الذي يجعلنا نرصد هذه الظاهرة السلبية المخالفة للقانون وندينها ونطالب بوقفها.
إن تفتيش الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية المحمولة، والأجهزة اللوحية من قبل لجان الاستيقاف الأمنية في ليبيا، يُعد تعديًا على خصوصية وحق المواطن في الحفاظ على المعطيات الشخصية، وانتهاكًا جسيمًا لكل المواثيق والاتفاقيات والمعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان، والمصادق عليها من قبل ليبيا مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، حيث يعد الحق في الحفاظ على سرية المعلومات الشخصية للمواطنين أبرز الحقوق المعنية بالحماية والمرتبطة بالحرية الشخصية.
ويأتي انتشار هذه الظاهرة، والتوسع غير المبرر في تفتيش الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، والمحمولة والأجهزة اللوحية من قبل لجان الاستيقاف الأمنية في ليبيا، في إطار سياسة أمنية تُرسخ ثقافة التعسف والاستبداد، ضد المواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين وغيرهم، كما يُعد مؤشرًا قويًا لسلب الحقوق والحريات العامة، والتعدي على حرمة الحياة الخاصة المكفولة بالحماية في الإعلان الدستوري المؤقت في المادتين (12) الخاصة بمنع التجسس وحرمة الحياة الخاصة والمادة (13) الخاصة منع التنصت على المراسلات، والمحادثات الهاتفية بدون إذن قضائي، كما أن الاتفاق السياسي الليبي في المادة (44) أشترط إذن كتابي من القضاء للسماح بالتفتيش باستثناء حالات التلبس.
كما أن هذه التصرفات غير القانونية لا تخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان والإعلان الدستوري فحسب، بل تخالف قانون الإجراءات الجنائية الليبي نفسه، الذي أجاز القبض المصحوب بالتفتيش في المادة (24) منه بشرط توافر دلائل كافية على الاتهام، وقصر التفتيش هنا على أي أسلحة أو أدوات خطرة توجد في حيازته، وقد اشترطت المادة (30) من قانون الإجراءات الجنائية الليبي لمشروعية القبض ومن ثمة التفتيش، أن يصدر أمرًا من السلطات المختصة بذلك قانونًا.
ويظل التفتيش عامة مقيدًا بالغاية من التفتيش وفقاً لنص المادة (30) من قانون الإجراءات الجنائية، بحيث لا يجوز التفتيش عموماً إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري التحقيق أو التحري بشأنه.
ويعرف القانون حالتين فقط يجوز فيهما التفتيش دون الحصول على أمر من القاضي أو وكيل النيابة، وهما الحالتان المنصوص عليهما في المادتين (35) و(39) من قانون الإجراءات الجنائية، وكلا المادتين لا تسمح لمأمور الضبط القضائي بمصادرة الأجهزة النقالة الشخصية أو أجهزة الكمبيوتر الشخصية، والمحمولة أو الأجهزة اللوحية أصلاً، ناهيك عن تفتيشها، لأنها ليست أسلحة ولا أدوات خطرة.
أما المواد (43) و(44) من قانون الإجراءات الجنائية فهي تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يضبط جميع الأشياء الموجودة مع المشتبه به ويحفظها في حرز مغلق، وأن يحرر محضر بها، بما فيها الأجهزة الالكترونية الشخصية، ولكنها لا تسمح بتفتيش محتوياتها، ولا حتى بالنظر للمعلومات المخزنة فيها، الممارسة السائدة، والمتمثلة في تفتيش محتويات الأجهزة الشخصية الالكترونية بشكل عشوائي ومزاجي، بحسب تقدير مأمور الضبط القضائي المشرف على الاستيقاف، وعلى أمل ضبط أي مادة مخالفة للقانون بها، فإن ذلك في حد ذاته تصرف مخالف للقانون، فهو يشكل جريمة تفتيش الناس المعاقب عليها بالحبس في قانون العقوبات الليبي.
عليه تجدد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان على إدانتها، ورفضها لمثل هذه الممارسات المخالفة للقانون، والمتعدية على الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون بالحماية، وتطالب السلطات المحلية والجهات المعنية بما يلي :
- على أجهزة الدولة ومؤسساتها تطبيق المعايير الدولية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وللقانون الدولي الإنساني، والالتزام بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من الدولة الليبية.
- على أجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية والشرطية، احترام وتنفيذ النصوص القانونية الواردة في التشريعات المحلية والتي توفر الضمانات والحماية اللازمة للأجهزة الالكترونية، والرقمية الشخصية، التي بحوزة المواطنين.
- نطالب وزارة الداخلية بإصدار تعليمات واضحة وصريحة تحظر على مأموري الضبط القضائي، تفتيش الهواتف النقالة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية أثناء قيامهم بعمليات الاستيقاف الأمنية.
- محاسبة مأموري الضبط القضائي من مرتكبي هذه الممارسات، واتخاذ الإجراءات التأديبية والقانونية بحقهم.
- على السلطات العدلية، والقضائية استبعاد أي دليل متحصل عليه من تفتيش الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والأجهزة اللوحية ما لم يكن التفتيش بموجب أمر تفتيش صادر بناء على اشتباه معقول بوجود دليل على صلة بتحقيق جاري.
- على القنوات الإعلامية، والمواقع الالكترونية المتخصصة، والمدونين زيادة وعي المواطنين بحقوقهم التي يجهلونها، وتوجيهم للتقدم بالشكاوى ضد من ينتهك حرمة الحياة الخاصة، ويقوم بتفتيش أجهزتهم الشخصية الالكترونية والرقمية، دون إذن من السلطات المختصة.
29 يوليو 2020
المنظمات التي وقعت على البيان :
1) مركز مدافع لحقوق الإنسان
2) منظمة بلادي لحقوق الإنسان
3) شباب من أجل تاورغاء
4) المنظمة الليبية للإعلام المستقل
5) منظمة رصد الجرائم الليبية
6) المؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية – ليفيج
7) شبكة أصوات للإعلام
8) منظمة شباب التوارق للحوار والمناظرة
9) المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان
10) المنظمة العربية الدولية لحقوق المرأة
11) منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري- مرزق .
12) منظمة أربن لتوجه المدني – الكفرة .
13) جمعية حكمة النساء للمرأة و الثقافة – الكفرة .
14) جمعيةČabu للثقافة و التراث – الكفرة .
15) جمعية مد يد العون للأعمال الخيرية – الكفرة.
16) منظمة التواصل الثقافية الاجتماعية – أوباري
17) منظمة17 فبراير للبيئة وحقوق الإنسان
18) منظمة التضامن لحقوق الإنسان
19) منظمة صوت المهاجر لحقوق الإنسان
20) مؤسسة أيادي الخير للإغاثة والأعمال الإنسانية
21) منظمة البريق لحقوق الطفل
22) مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان
23) منظمة تبينوا لحقوق الإنسان
24) منظمة البنيان المرصوص للإعلام من أجل التنمية والسلام
25) منظمة أمل الجنوب للسلام والتنمية المستدامة
26) منتدى ربيانة الثقافي
27) المجموعة الليبية المتطوعة لحقوق الانسان
28) المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!