بيان : ليبيا، المجموعات المسلحة وشبة العسكرية ما زالت تعرقل مبادرات السلام وتستولى على مؤسسات الدولة
بيان مشترك : مركز القاهرة، المنصة، ومنظمة الأمان في سياق الإستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي الليبي
تتنافس السلطات التشريعية والتنفيذية في شرق وغرب ليبيا منذ 2015، على اكتساب الشرعية واعتراف المجتمع الدولي، معتمدة في ذلك على مجموعات مسلحة وشبه عسكرية، بما في ذلك مجموعات متطرفة مسلحة مرتبطة بالقاعدة ومجموعات السلفيين المدخليين، في محاولة للسيطرة على مقار الحكومة، البنوك، الهيئة الليبية للاستثمار، وحقول النفط ومواني التصدير، والمطارات.
وفي سبيل الحصول على دعم وتأييد المجموعات المسلحة، منحتها السلطات الليبية تفويضًا بمهمة حفظ الأمن وإنفاذ القانون بموجب قرارات رسمية، وسمحت له بالاندماج في المؤسسات الأمنية كمجموعات دون تدريب أو برنامج وطني موحد.
وعلى مدى أربع سنوات، استهدفت هذه الجماعات المسلحة بشكل منهجي حوالي 247 صحفيًا وإعلاميًا، وأكثر من 100 مدافعًا عن حقوق الإنسان، هذا بالإضافة إلى الاعتداء المسلح على منظمات المجتمع المدني وأعضائها، لا سيما أثناء تنفيذ فعالياتها. كما استهدفت الجماعات المسلحة النشطاء الحقوقيين في المطارات ونقاط التفتيش الأمنية، واستخدمت التعذيب في انتزاع المعلومات حول أنشطتهم وانتماءاتهم السياسية.
وعلى الجانب الأخر، أوقفت السلطات الإدارية وحلت عشرات المنظمات المحلية، كما تعتمد ليبيا- حتى العام الجاري- على قوانين تنتهك بشكل واسع الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، مثل قانون المطبوعات لعام 1972 وقانون الجمعيات لعام 2001 والقانون رقم 65 لسنة 2012 المقيد لحق التجمع السلمي، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2014.
وفي السياق نفسه، اعتمدت السلطات التنفيذية الرسمية والفعلية في ليبيا منذ 2015 على الفراغ الدستوري، وأعادت توظيف القوانين القمعية السابقة للثورة، بل وأصدرت اللوائح والقرارات المكملة لمزيد من الحيلولة دون تمتع الأفراد بحقوقهم في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي دون وصاية من الجهات التنفيذية. فانفردت السلطات وحدها- دون رقابة قضائية- بتصاريح العمل للجمعيات، والحق في حلها ووقف نشاطها، ومنح التصاريح بالتظاهرات والتجمعات، وحتى السماح للصحفيين بممارسة عملهم سواء لوسائل الإعلام المحلية أو الأجنبية.
النظام القضائي الوطني لم يعد قادرًا على ضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، بعدما تعرض لاستهداف شل من قدرته على محاسبة الأفراد الضالعين بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فقد تم رصد هجمات من المجموعات المسلحة شبه العسكرية على القضاء، منها سبع هجمات على مقار النيابة العامة والمحاكم الليبية، فضلاً عن عشر حالات خطف ومعاملات غير إنسانية خلال الاحتجاز تعرض لها أفراد من الهيئات القضائية في سياق مرتبط بعملهم على قضايا جنائية. هذا بالإضافة إلى مقتل ثلاث من أعضاء الهيئات القضائية في عملية اغتيال. وفي 7 أغسطس / آب 2019، اختطفت جماعة مسلحة مسئولاً في وزارة العدل، تم العثور عليه ميتًا بعد بضعة أيام. كما لا تزال الدكتورة سهام سرقيوة، نائبة مجلس النواب في طبرق قيد الاختفاء القسري منذ 18 يوليو 2019 في بنغازي؛ وقد تم اختطفها من مدينة بنغازي مباشرة بعد أن تحدثت علانية عن وجود الجماعات المسلحة المتطرفة في غرب وشرق ليبيا. يأتي هذا بينما لا يزال مكان محمد بن عمر مجهولاً، وهو قاض تعرض للاختفاء القسري، بعد اختطافه من منزله في بلدة القرة بولي (62 كيلومترًا من العاصمة طرابلس) في 26 فبراير / شباط 2020.
وهكذا يظل الطريق موصود تماماً أمام الضحايا الليبيين في الوصول للعدالة، إذ لا تجد النيابة العامة وسائل لضبط وإحضار المتهمين ولا توفر أي ضمانات للضحية أو الشهود، مما أدي لصعوبة وصول أي قضايا متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان إلى المحاكم وإمكانية الفصل فيها دون تدخلات من مجموعات مسلحة، فضلاً عن مثول عشرات المدنيين أمام محاكم عسكرية في شرق ليبيا دون ضمانات محاكمة عادلة.
وفي مناطق الصراع المسلح يٌجبر المدنيين على النزوح نتيجة الحرمان من الخدمات الأساسية بما في ذلك الأمن والصحة والتعليم. كما يواجه المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء معاناة الوقوع في أيدي جماعات الإتجار بالبشر أو الانضمام القسري للقتال أو نقل الأسلحة في جميع أنحاء ليبيا وحتى في البحر، ويتعرضوا بشكل ممنهج للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي، والضرب المبرح، والابتزاز. كما تعاني النساء في مراكز الاحتجاز من الابتزاز الجنسي، الاغتصاب. وتنتهك المجموعات المسلحة مبادئ القانون الدولي الإنساني بشكل ممنهج ولا تعتد باتفاقيات جينيف الأربعة. وفي سياق التناحر على السلطة يتم استهداف للمدنيين، المرافق الطبية والمطارات المستخدمة في الطيران المدني والمدارس وحقول النفط.
لذا تدعو منظمات ائتلاف المنصة، مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان للعمل من أجل الحد من الإفلات من العقاب في ليبيا، ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وذلك من خلال تشكيل لجنة تحقيق دولية يعتمدها المجلس، تتمكن من جمع وحفظ الأدلة وتحديد الجناة والمتهمين بارتكاب انتهاكات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. تلك الآلية من شأنها دعم الجهود المبذولة لمنع وقوع المزيد من التجاوزات والانتهاكات، على نحو يعزز من حماية المدنيين في ليبيا، ويمهد الطريق لإرساء دولة القانون والعدالة. بل وننتظر أن تخفف هذه الآلية من وطأة هجمات المجموعات المسلحة والعسكرية على مؤسسات الدولة الوليدة، كما يفترض أن تسهم هذه الآلية في عرقلة مساع المجموعات المسلحة لتقويض محاولات الليبيين للوصول لحل سلمي مستدام.
التوصيات للدولة الليبية:
-
إلغاء القوانين والمراسيم التالية في إطار ضمان الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان:
- قانون الصحافة رقم 76 الصادر في عام 1972
- المواد: 178، 205، 208، 245، 438، 439 من قانون العقوبات.
- القانون رقم 19 الذي ينظم منظمات المجتمع المدني الصادر في عام 2001 وجميع قراراته التنفيذية.
- قانون مكافحة الإرهاب رقم 3 الصادر في 2014.
- القانون رقم 65 الذي ينظم حق التجمع السلمي الصادر في عام 2012.
- القانون رقم 4 من تعديل الإجراءات العسكرية الصادر في عام 2017 والتصرف رقم 177 من قانون الإجراءات الجنائية، والذي يسمح بالاحتجاز لفترة طويلة قبل المحاكمة.
- المرسوم 555 الصادر في عام 2018، من قبل مجلس الرئاسة، والذي يعطي الجماعات المسلحة سلطة مكافحة الإرهاب والمراقبة.
-
2 – إنهاء سياسة الاعتقال التعسفي والسري
- إجراء مسح شامل وتصنيف دقيق لجميع مراكز الاحتجاز، وتحديد سلطة الإشراف عليها (وزارة الداخلية / الجيش – خارج سيطرة وإشراف القضاء)
- تصميم خريطة واضحة تضم تصنيف لجميع المعتقلين (نساء / رجال – مدنيين – عسكريين – بالغين / قصر – الاحتجاز قبل المحاكمة – تنفيذ عقوبة قضائية – الاحتجاز دون أساس قانوني)
- إنشاء آلية لمراقبة ظروف الاحتجاز، وضمان التواصل مع المحتجزين، وإعادة تأهيلهم., ومراقبة ظروف الإحتجاز، وتدريب الموظفين
- تمكين منظمات المجتمع المدني من زيارة مراكز الاحتجاز بشكل دوري، دون قيود.
-
3 . حماية اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء
- اتخاذ إجراءات للإفراج عن جميع المحتجزين بسبب محاولتهم العبور إلى أوروبا كاللاجئين وطالبي اللجوء واحترام الالتزامات الدولية في هذا الصدد.
- تنظيم الإطار القانوني لتطبيق اللجوء من خلال آلية شفافة تتماشى مع التزامات ليبيا الدستورية والإقليمية والدولية.
- تعزيز الحماية القانونية للمهاجرين ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان داخل وخارج مراكز الاحتجاز.
- وضع إطار تشريعي ينظم أحوال الراغبين في توفيق أوضاعهم داخل الأراضي الليبية من أجل العمل، وفقًا لاحتياجات سوق العمل
-
4 – إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية :
- مشروع قانون بشأن إعادة هيكلة وزارتي الداخلية والدفاع، ضمن خطة لإصلاح القطاع الأمني، في شكل خارطة طريق عامة ومجردة، تضمن:
- تحديد ولاية وزارتي الداخلية والدفاع؛
- تحدد الأقسام المختلفة وسلسلة الأوامر في كلا منهما،
- تحديد آلية المشاركة، والإطار الزمني، وقواعد محتوى التدريب؛
- تطوير نظام الشكاوى الداخلية (ليشمل آلية لشكاوى المواطنين ضد أعضاء الوزارتين وكذلك آلية لشكاوى أعضاء القطاع الأمني ضد رؤسائهم)؛
- صياغة إطار لنقابات العمال داخل القطاعات الأمنية.
- اقتراح مشروع قانون ينص على خطة لإعادة الدمج الفردي وحل أفراد الميليشيات والجماعات المسلحة وإعادة إدماجهم في إطار التشريعات التي تنظم العدالة الانتقالية والمصالحة
-
5 – تمكين النساء والأقليات والحد من التمييز
- تعديل وتنقية التشريعات والقوانين التمييزية بحق النساء وتجريم العنف ضدهن، وإلغاء الحصانة عن مرتكبي العنف بحقهن،
- إعادة تأكيد الالتزام بضمان مشاركة كاملة وفعالة للنساء في مسارات السلام ضمن الاتفاق السياسي الليبي؛
- تفعيل الالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات؛ وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1325 في ليبيا، والبدء بوضع خطة عمل وطنية لتنفيذ قرار لفرض الأمن، وتشجيع مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية والانتقال السياسي؛
- حماية المدنيين والأقليات الأثنية بشكل خاص من القتل والاعتقال والتمييز وذلك من خلال سن قوانين لتجريم التمييز تدعم حماية الأقليات وتمنع الاستهداف على أساس الهوية.
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!