منظمات حقوقية ليبية تُدين الإخلاء القسري لنازحي تاورغاء وتطالب السلطات الليبية بحل دائم
منظمات حقوقية ليبية تُدين الإخلاء القسري لنازحي تاورغاء وتطالب السلطات الليبية بحل دائم ينهي معاناتهم ويشمل جبر الضرر والمحاسبة على الانتهاكات التي تمارس ضدهم
بيان صحفي
12 مايو 2022
تُعبّر المنظمات الحقوقية الليبية الموقعة عن إدانتها واستنكارها البالغين لعملية الاخلاء القسري التي نفذها جهاز دعم الاستقرار يوم 3 مايو الجاري بحق النازحين من أهالي تاورغاء المقيمين في مخيم الفلاح 1 ومخيم الفلاح 2 في وسط العاصمة طرابلس؛ وهو الأمر الذي نجم عنه تشريد نحو 530 أسرة، إذ كان يقطن المخيم الأول نحو 360 أسرة والثاني نحو 170 أسرة. وتُدين المنظمات استمرار السياسات والممارسات الممنهجة التي تُفاقم من معاناة النازحين من أهالي تاورغاء التي بدأت في عام 2011، بسبب غياب الإرادة السياسية لكافة الحكومات المتعاقبة منذ الثورة لوقف نزيف النزوح وتشريد المواطنين في كافة أنحاء البلاد ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة بحق النازحين.
في الأول من مايو، قامت 6 سيارات تحمل شعار جهاز دعم الاستقرار باقتحام المخيمين بحلول الساعة العاشرة ليلاً، وطلب موظفو الجهاز من الأهالي الخروج من المخيمين وإخلائهما في موعد أقصاه 3 مايو (ثاني أيام عيد الفطر) مع تحذير الأهالي من العواقب في حال لم يمتثلوا للأوامر. وفي 2 مايو، أرسل جهاز دعم الاستقرار بعض رجاله إلى المخيمين للتأكد من بدء الأهالي في الاستعداد لتنفيذ لإخلاء. وفي اليوم المحدد لعملية الإخلاء القسري، انتشرت سيارات جهاز دعم الاستقرار وبرفقتها سيارة تابعة للأمن المركزي، وتمركزت في مدخل المخيمين وتم منع السيارات والأهالي من الدخول، وأجبروا السُكان على الخروج. وقد عادت 38 أسرة من إجمالي 530 إلى تاورغاء، بينما لا تزال بقية الأسر مشردة في ضواحي طرابلس وترهونة وبني وليد وسوق السبت وسوق الأحد والسبيعة ووادي الربيع.
علاوة على ذلك، كان النائب العام قد أصدر قرارًا في 7 مارس 2022 بإخلاء المساكن التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية التي يقطنها نازحين من تاورغاء، وذلك في موعد أقصاه 26 مارس 2022. ولكن نتيجة المفاوضات التي أجراها النازحين المقيمين في تلك المساكن مع مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية؛ تم تمديد مهلة الإخلاء القسري إلى الأسبوع الأول بعد عيد الفطر. وقد انتهت المهلة فيما لا يزال الأهالي المهددين بالإخلاء قسرًا يواصلون التفاوض من أجل التوصل لاتفاق ينقذهم من مصير التشرد بلا مأوى.
يبلغ عدد النازحين في ليبيا نحو 278 ألف شخص، من بينهم نحو 40 ألف شخص من تاورغاء بدأت مأساتهم في 2011. وبالرغم من توقيع اتفاق للعودة وللتعويضات في مارس 2017، وإصدار المجلس الرئاسي في ديسمبر من نفس العام قرارًا يقضي بالشروع في عودة الأهالي المشردين إلى مدينتهم مع بداية فبراير 2018؛ إلا أن الأهالي الذين حاولوا العودة لديارهم آنذاك مُنعوا من ذلك. وبعد مرور أكثر من 5 سنوات على اتفاق العودة والتعويضات و4 سنوات على قرار فتح المدينة للعودة، لم يحصل الأهالي على التعويضات ولا تزال المدينة تفتقر للخدمات الأساسية التي يجب توافرها ليتمكن السُكان من الحياة فيها؛ وهو ما يجعل العودة لتاورغاء خيارًا مُرًا للأهالي الذين يريدون العودة للديار ولكنهم لا يتمكنون من ذلك بسبب إحجام السلطات عن توفير الخدمات الأساسية بالمدينة.
وفي تقريرها الصادر في أكتوبر 2021، أكدت البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا أن شروط العودة إلى تاورغاء “غير مستوفاة”، وأن سكان تاورغاء النازحين داخليًا يواجهون ظروفًا معيشية صعبة في المخيمات، ولا يحصلون على الخدمات الملائمة من الرعاية الطبية والغذاء والمياه والصرف الصحي، كما أن فرص تعليم الأطفال محدودة، فضلا عن تعرضهم لأعمال العنف، في ظل صمت الدولة وتقبلها للانتهاكات بحق سكان تاورغاء وعدم اتخاذها التدابير اللازمة لتعويضهم وعودتهم بشكل آمن لمنازلهم. كما اعتبرت البعثة أن سكان تاورغاء يتعرضون للاضطهاد لأن أعمال العنف تمارس ضدهم بدافع التمييز، وتوصلت البعثة إلى خلاصة مثيرة للقلق حيث تعتقد أن “ليبيا قد تعجز عن ضمان حقوق النازحين داخليًا من تاورغاء بموجب القانون الدولي”.
إن المنظمات الموقعة إذ تُطالب السلطات الليبية بوقف عمليات الإخلاء القسري لأهالي تاورغاء في جميع المخيمات والأماكن التي يقطنوها بعيدا عن ديارهم، فإنها تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء العقاب الجماعي بحق سُكان تاورغاء وإعادة إعمار مدينتهم وتوفير كافة الخدمات الأساسية فيها وتيسير السُبل للعودة الطوعية الآمنة وجبر الضرر الناجم عن تهجيرهم. كما تُطالب السلطات بمنع الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة التابعة لها من مداهمة مخيمات النازحين من تاورغاء والكف عن إفزاعهم والتوقف عن سياسة الإخلاء القسري وتوفير كافة الخدمات الأساسية لسُكان المخيمات وحمايتهم ومحاسبة كافة الأطراف المتورطة في أعمال العنف ضدهم. كما تُطالب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بوضع أزمة النازحين من تاورغاء على أجندة المباحثات مع السلطات الليبية والتأكد من جدية العمل على التوصل لحل دائم لها في ضوء المذكور أعلاه وبالاتفاق مع أهالي تاورغاء. وأخيرًا، تدعو المنظمات الموقعة السلطات الليبية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وكافة المنظمات الإنسانية العاملة في ليبيا إلى توفير المساعدات الإنسانية لسُكان تاورغاء وجميع النازحين في ليبيا.
المنظمات الموقعة:
- مركز مدافع لحقوق الإنسان
- حقوقيون بلا قيود
- رصد الجرائم الليبية
- مؤسسة ليبيا المستقبل للإعلام والثقافة
- مركز وشم لدراسات المرأة
- نوازي لدراسات النوع الاجتماعي
- منصة أثر
- منظمة مراس للتنمية
- منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
- منبر المرأة الليبية من أجل السلام
- المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
اترك رداً
تريد المشاركة في هذا النقاششارك إن أردت
Feel free to contribute!