غياب المساءلة وراء تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا
ألقى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع محامون من أجل العدالة في ليبيايوم 14 سبتمبر مداخلة مشتركة أمام الدورة الـ 21 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف. تناولت المداخلة عدم وجود آليات حقيقية وفعالة للمساءلة، وعدم توافر إرادة السياسية لفرض سيادة القانون في ليبيا، والذي أدى بدوره إلى أحداث مأساوية مختلفة، كان أخرها الهجوم على السفارة الأمريكية ومقتل السفير وعدد من المسئولين الأمريكيين والليبيين. وطالبت المداخلة المجتمع الدولي، وأعضاء مجلس حقوق الإنسان، بتحمل مسئولياتهما في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في ليبيا فى مرحلة ما بعد القذافي، وتحديدًا ضمان احتواء أي قرار حول ليبيا على آلية فعالة تضمن رصد انتهاكات حقوق الإنسان، ورفع التقارير بشأنها للمجلس.
نص المداخلة:
مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الدورة الحادية والعشرون
مداخلة شفوية: البند رقم 3 – مناقشة عامة
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
14 سبتمبر/أيلول 2012
مقدمة من : مريم الحضرى
شكرًا سيدتي الرئيسة،
هذا البيان مقدم باسم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومحامون من أجل العدالة في ليبيا.
نود أن نبدأ بالإعراب عن خالص تعازينا لأسر وأصدقاء السفير كريس ستيفنز وموظفي السفارة الأمريكية الآخرين، وأفراد الأمن الليبي العشرة الذين وافتهم المنية في الأحداث المأساوية التي وقعت في بنغازي مساء الثلاثاء الماضي. وإن كان هذا الهجوم يمثل شيئًا فإنه يدلل على الحالة المزرية التي آلت إليها سيادة القانون في ليبيا، ويسلط الضوء على ظاهرة الإفلات من العقاب التي يستفيد منها مرتكبو الانتهاكات الجسيمة للقانون الوطني والدولي خلال هذه المرحلة الانتقالية.
يأتي هذا الهجوم في أعقاب حالات متكررة للإفلات من العقاب تنذر بخطر عظيم، برهنت عليها بوضوح الهجمات المنهجية التي وقعت مؤخرًا في البلاد وطالت الأقليات الدينية، واستهدفت من بين ما استهدفت الأماكن الدينية التاريخية وتدنيس المقابر في جميع أنحاء البلاد في نهاية شهر أغسطس/آب. وقد ذكر المقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد في بيان صحفي صدر يوم الاثنين الماضي ما يلي: “إن آفاق حرية الديانة أو المعتقد والتنوع الديني في البلاد بأكملها تبدو عرضة للخطر”. كما أعرب ثلاثة من أصحاب الولايات عن قلقهم إزاء تقارير تفيد بأن السلطات الليبية لم تسعى لوقف عمليات الهدم والتخريب، بل إن، وفق ما ذكره العديد من شهود العيان، أفرادًا من قوات الأمن الليبية ساعدوا هؤلاء المخربين فعليًا في هدم هذه المواقع وأنهم أساءوا معاملة كل من حاول الاحتجاج على عمليات الهدم والتخريب هذه.
لقد فشلت الحكومة الليبية في ضمان الحماية الكافية من تكرار مثل هذه الأفعال، كما أنها لم تتخذ أي خطوات لمحاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات الخطيرة. ومازال تواطؤ الحكومة في مثل هذه الانتهاكات يشكل مصدر قلق بالغ.
وقد كرس فشل الحكومة في كلا من حماية حقوق الإنسان وتأكيد سيادة القانون ثقافة الإفلات من العقاب التي كانت موجودة بالفعل في ظل النظام السابق. وأصبح هذا المجلس للأسف جزءً من ثقافة إفلات الحكومة الليبية من العقاب. نذكِّر مجلس حقوق الإنسان في هذا المقام بقراره الخاص بتقديم المساعدات التقنية لليبيا في مجال حقوق الإنسان، والذي اعتمده المجلس في دورته التاسعة عشرة واقتصر على تقديم المساعدة التقنية فقط إلى ليبيا. بيد أن هذا القرار لم يتضمن أي آلية لرصد حالة حقوق الإنسان في ليبيا أو الإبلاغ عن أية انتهاكات تُرتكب بحقها ورفع تقارير بشأنها. من ثم يبدو هذا القرار وكأنه قد صدر مدفوعًا بمخاوف سياسية على حساب حقوق الإنسان والمساءلة.
يجب على الحكومة الليبية النظر فيما وراء واقعة تغيير النظام وأن تهدف إلى حماية حقوق الشعب الليبي، بغض النظر عن هوية الجاني أو الجهات الفاعلة داخل الحكومة.
ونحن نحث بشدة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تبرهن على التزامها المتواصل بتعزيز حقوق الإنسان والمساءلة عن الانتهاكات المرتكبة سواء في الماضي أو الحاضر في ليبيا، من خلال اعتماد تدابير فعالة لرصد الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في ليبيا، بما في ذلك الانتهاكات التي ارتكبتها جهات حكومية أو غير حكومية على حد سواء، وتنفيذ الحكومة الليبية التزاماتها بإعداد التقارير لضمان تمسكها بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان، وذلك عندما يُطرَح القرار الخاص بليبيا للمناقشة في بداية العام المقبل.
شكرًا سيدتي الرئيسة.